Friday, February 8, 2013

للتربية وجوه أخرى

تلك القضمة تناولتها عدة مرات ومازالت فهى قضمة شديدة الحلاوة ولينة تخلف آثرا طيب بل اننى أدعو كل أم وأب إن يحرصا على تذوق الأبناء لها وهى تربية حيوان أليف والتى تنطوى فى الحقيقة على تربية ليست للحيوان ولكن للأبناء فوجود كائن يصبح الشخص مسئولا عن رعايته وإمداده بما يحتاج إليه من مآكل ورعاية طبية ومكان يأويه يولد علاقة جميلة بين الكائن والقائم  على رعايته .
فلغة التواصل بينهما هى لغة روحية تتنامى فيصاحبها رهافة فى الحس ويحكمها الأحتياج المتبادل للحب والصدق فى كل ما يبدر من الطرفين فهذا الحيوان لا يظهر شئ لا يبطنه وكذلك من يقوم على رعايته .
لقد كانت لى تجارب متعددة فى تربية الحيوانات الأليفة من القطط والكلاب والطيور فى مراحل العمر المختلفة. ولقد كان أول حصاد لتلك التجربة السعادة الغامرة لعلاقة الحب التى تنشأ ولكن بلورة هذا الحصاد تجلت فى ذهنى عندما مددت يدى فى أحد الأيام لقطتى الأثيرة الى نفسى و هى قطة سمينة أكولة تعشق الراحة والسكون ولا تبادر بأى حركة طول اليوم إلا عند اقتراب موعد تناولها للطعام وفور الانتهاء تبحث عن موضع لها يكون من الصعوبة وصول أى شخص إليه وحبذا لو كان غير ظاهر وعندما اتخذت مكانا لها وبدأت على الفور فى عزف مقطوعة موسيقية من الشخير الرتيب المحبب إلى سمعى.
فهممت فى محاولة للتربيت عليها فبادرت بعضى فى يدى وهنا قررت أن أقوم بعقابها بتأخير ميعاد تناولها لطعامها ولكن خطر لى  خاطر كيف يكون الحال وأنا أغضب الله كثيرا منى وهى بمثابة عضة ليده التى يمدها بالخير لى فى كل نفس فهو يحسن الى وأنا أعبده ليس كأننى أراه وفى كثير من الأحيان أغفل عن انه يرانى فكيف يكون حالى لو أنه عاملنى بتأخير رزقى وامدادى بما يقيم حياتى كما كنت أنوى فعله مع قطتى فقررت سريعا العودة عن ذلك والأستغفار منه.
وعندئذ ظهر لى التوازى بين علاقة الحيوان والعائل له وبين علاقة الفرد وربه . فالعائل هو بمثابة رب للحيوان يكفله فى مقابل الحب والأمتنان والطاعة.
إن مقدار التراحم الذى هو أساس العلاقة بين  الرب وعباده لهو مدعاة لتوثيق الصلة التى تربطنا به فهو الروؤف الرحيم بكل عباده الصالح والطالح يمد كل من هؤلاء وهؤلاء بعطائه فمن منا يستطيع الأحسان الى أحد عاى الدوام ومابالك إذا كان هذا الشخص منكرا لك يبادرك العداء ولقد سئل حضرة النبى المصطفى (صلى الله عليه وسلم ) هل يدخل الناس الجنة بأعمالهم فقال لا وسئل ولا أنت يارسول الله فقال ولا أنا إلا إن يتغمدنى الله برحمته.
فتربية الحيوانات هى فرصة كبيرة لاستشعار نعم الله علينا.


                             "اللهم تغمدنى برحمتك يأرحم الراحمين"









Monday, January 28, 2013

تلك القضمة تناولتها مرارا وتكرارا ولم تكن أبدا الا قضمة تتراوح بين المرارة والمرارة الشديدة مع شدة اليبوسة ولكنى للحقيقة لا أعتب على أى أحد فأنى أرى نفسى غير جديرة بتحقيق فكرة الصداقة التى فى ذهنى فالصديق هو من يستطيع ان يكون مرأة حقيقية تعكس صورة من يصاحبه فيشعر انه امتداد شبه طبيعى له وانه لم يخرج بعيدا عن نطاقه الطبيعى.

فكلنا لا نستطيع ان نتبين عيوبنا ونواقصنا الا فى وجود صورة حقيقة لنا هى فى تلك المرأة (الصداقة) فان كنت لا أستطيع أن أكون مرأة لاحد فكيف ألوم الاخرين ومن هنا قررت على مستوى اللاوعى أن أجد مستوى أخر يمكن الى حد ما ايجاده فاختفاء الصداقة كفكرة ومعنى وفضاءا يتيح للكائن الحى قدرة على التنفيس عن نفسه بتبادل الخبرات والافكار التى تجول فى نفسه والبوح بما يعتمل فى صدره فكانت تلك الفكرة المتمثلة فى العديد من الدوائر التى تتشارك فى المركز (وهو أنا) وتتدرج من الضيق الى الاتساع ويقف على تلك الدوائر من أعرفهم كل على درجة قربه منى فكل واحد يملك قدرا من التقاطع والتداخل فكلما كانت مساحة هذا التداخل صغيرة كان موقع الشخص على الدوائر الخارجية والعكس صحيح هذه الفكرة بدأت تطفو على سطح وعى أيضا فى الثلاثين ولقد كانت هناك الكثير من التوجيهات والنصائح من أبى الروحى بأن يستعين الفرد بالاصدقاء القادرين على انهاض حاله واصلاحه مع الاعتذار عن استخدام مصطلح (النهضة) المشبوه لاستخدام الاخوان المسلمين له . 

ولكن فى لحظة تنوير روحية تذكرت بعض الاحاديث النبوية الأول أن الله خلق أدم على صورته وفى حديث أخر ان الله خلق أدم على صورة الرحمن فمصطلح الصورة تعنى أنعكاس الهيئة (الشكل) فى سطح أخر فيكون هذا التشابه بين الشكل والصورة يحمل أيضا تشابه فى المضمون كل منهما على قدره.

فكلما اتجاهنا الى حد كبير من التطابق فى الشكل والمضمون كان هذا أدعى الى متانة الرابطة وتوثق الصلات ولذلك عندما نجد شخصا يكون مرآة لنا (لتوافر قدر كبير من السماحة والحيادية وصفاء النفس ) تمكننا من رؤية أنفسنا بوضوح نكون قد وجدنا إحدى المستحيلات (العنقاءوالخل الوفى) فسبحان الله الذى خلقنا على صورته ليكون أقرب إلينا من حبل الوريد.

فسبحانه ما أعظم شأنه


Tuesday, January 22, 2013

تلك القضمة تناولتهاوانا فى الثلاثين من عمرى وهى قضمة محورية فبعدها انعطفت حياتى الى منحا مغايرا تماما .فتلك القضمة بالفعل منحتنى قبلة الحياة فقبل تلك القضمة على مدار ثلاثين سنة لم أكن اعرف الا ابى الذى منحنى الحياة الجسدية وهو هادئ الطباع طيب القلب قضى جل عمره فى كسب الرزق وكانت علاقتى به فى المجمل جيدة فقد كانت غرابة اطوارى ورغبتى فى خوض أى تجربة بنفسى منحيه أى نصائح له ولأمى ليس جانبا فقط ولكن كأننى لم اسمعها على الاطلاق تؤدى الى توتر العلاقة فى بعض الفترات ولو نظرت الى ابى فى صورته الانسانية أصنفه كالاتى شخص يؤثر ما يعرفه على ما لا يعرفه لا يجيد الا تأجيل البت فى الامور المهمة لعل الرياح تأتى بما تشتهى السفن لم اعرف عنه الاهتمام بأى من الجوانب الثقافية او الموسيقية اوالفكرية اوالدينية ولكن التواصل الحقيقى بيننا كان عندما يأخذ عطلة من عمله ولكن مع بلوغى الثلاثين من عمرى عرفت لى أب أخر هو أب روحى بمعنى الكلمة وبدأت تلك العلاقة على شرط أساسى المصاحبة مقابل التحلى بمكارم الاخلاق والصفات عن طريق المحاولة الدائمة فى تمثل حضرة النبى(صلى الله عليه وسلم ) فى كل أمورى وأقوالى وأفعالى وأنفاسى وخواطرى وتلك المصاحبة لى فيها على هذا الأب اسداء النصائح بما يحقق ذلك الهدف الموكل لى مع منحى الفرصة فى تعلم ما أستطيع تحصيله من علومه التى أتقانها فى الحقيقة تلك الصحبة مشابهة لما كان بين سيدنا موسى وسيدنا الخضر الصبر واعمال القلب (الفطرة السليمة) مقابل منحه الفرصة فى تعلم العلوم اللدنية ولكنى كنت أوفر قدرا من الحظ فبعد المرة الثالثة كان فراقا بينهما ولكن هذا الأب كان صبورا وكريما ومساندا ومحبا ومع الصعوبة الشديدة لتحقيق ذلك الهدف الأسمى الا اننى كنت فى شدة الفرح لتلك الأبوة وشدة الجهل بتبعات ذلك الاتفاق

تلك القضمة هى أسعد قضماتى على الاطلاق رغم الصعوبات الشديدة التى أكتنفها هذا الامر فأصعب الاشياء هى مغايرة العادات والقيام بالتخلية من كل الصفات والافعال الردئية والتحلى بكل ما هو حميد.

Friday, January 18, 2013

عندما نويت ان اشرع فى كتابة مدونة تهيبت , فالكتابة في نظرى هى كم هائل من القراءات الحرة و المتخصصة مع وجود قدرة على هضم ذلك كله و تحليله و استيعابه ثم الموهبة التي اراها ربانية المتمثلة فى انشاء جسر تعبر عليه تلك القناعات من الداخل الى الخارج و هو المتمثل فى التدوين الذى لابد لكى يكون ناجحا من توفر اطار عام يتلاءم مع قناعاته فتوكلت على الله  ووقع فى نفسى ان اختار لها اسم قضمة التى تعنى الاكل بأطراف الاسنان و أكل الشئ اليابس .

فكل منا فى مشوار حياته علمته الدنيا كثير من الدروس التى تنوعت بتغير التناول , فقد يكون التناول فى اللغة تناول فكريا معنويا و قد يكون تناول مادى حسى للأشربة و الأطعمة , و لذلك قد ينعكس التناول المعنوى الفكرى فى صورة حسية فمثلا ؛ إذا كانت التجربة قاسية قد نستشعر لها مرارة و العكس صحيح فإن كانت مفرحة نجد لها حلاوة فى النفس و لما كانت الدروس المستفادة من الحياة ليست بالهينة ( فلا احد يأكلها بالساهل ) فمن هنا رأيت مطابقة كلمة قضمة لما فى ذهنى عن تلك الدروس كما انى رأيت ان اكتب الأسم مفردا و ليس جمعا لمحاولتى فيها على الايجاز و تكثيف المعانى ؛ فالقضمة الواحدة كافية ليتضح للفرد ما نوعية تلك القضمة ( حارة - حلوة - مرة - يابسة - رطبة ) .

و لذلك سوف تتنوع تلك القضمات باختلاف الخبرات المستفادة منها أو بالأحرى الجروح و الأثار و الندوب .